top of page

POST RÉCENTS : 

الإذاعة التّونسيّة في تاريخ 03 ماي

  • هدى بن الحاج سالم
  • 3 mai 2016
  • 6 min de lecture

03 ماي من كلّ سنة يوافق الاحتفال باليوم العالمي لحرّية الصّحافة الّذي وقع سنّه منذ 03 ماي 1991 إثر اجتماع الصّحفيين الأفارقة تحت إشراف اليونسكو في نميبيا وتمّ خلاله إعتماد "إعلان ويندهوك" الّذي ينّص على أنّ حرّية الصّحافة لا يّمكن أن تتحقّق إلاّ من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة قائمة على التعدّدية قصد ضمان أمن الصّحافيين أثناء تأدية مهامهم والتّسريع في التحقيق بدقّة وشفافية في الجرائم ضدّ حرّية الصّحافة.من المنطقيّ أن يكون هذا التّاريخ فرصة سنوية لمحاسبة الذّات بعيدا عن كلّ مظاهر الاحتفال الفلكلوري المتمثلة خاصّة في إصدار برقيات التهنئة من الجهات الرّسمية أو الإجتماعات والتّكريمات التي يُراد من خلالها ربح بعض من الودّ الّذي سئمته بلادنا وما عاد يصلح لها في شيئ بعد تاريخ 14 جانفي 2011 ,إذن ماهو واقع حرّية الصّحافة والإعلام في رحاب الإذاعة التونسية بعد هذا التاريخ؟ أعتقد أنّه من الموضوعي أنّ لا نقيس على تلك الفترة الانتقالية التي تلت الثورة مباشرة لأنّ كلّ الأمور كانت منفلتة ورغم أنّ بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 تواصل الإنفلات العّام إلاّ أنّه من ناحية الإذاعة التونسية وقعت في عديد الإنزلقات وتخلّت عن مبدئ الحياد المُلزمة به أخلاقيّا وهنا من الواجب التأكيد على أنّ إذاعة تونس الثقافية كانت أقلّ أخطاء ومن ناحية أخرى وقعت تصفية بعض الأسماء لعلّ أبرزهم الإعلامي المرجع عامر بوعزّة وذلك سنة 2012 وهكذا خسرت الإذاعة الجهويّة بالمنستير والإذاعة التونسيّة عموما منتجا وعلما من أعلام الإذاعة الذّي تميّز بجرأته في أنتاج عديد البرامج في مجالات مختلفة وهاهو خلال يوم 03 ماي لهذه السنة يُفصح لنا عبر صفحته على الفايسبوك عمّن كان وراء تغيير مساره المهني حيث يكتب"في اليوم العالمي لحرّية الصحافة أريد أن أشكر "الزّميل" الّذي نقل كلامي عن سوء التّصرف الإداري في مجلس مغلق مع مكتب النقابة ( 2012) إلى رئيس الإذاعة ( ... ) شكرا له فقد غيّرت تلك الوشاية مساري المهني ولا شكّ أنّها غيّرت مسار حياته هو أيضا إذ غادر مكتب النقابة ليُدير إذاعة جهوية ونال مكافأته قبل أن يجفّ عرقه! (...)". بعد إنتخابات 2014 ومرور أغلب دواليب الدولة من فترة المؤقت إلى فترة الدائم و بحلول فريق جديد من رئيس مدير عام للإذاعة التونسية ومديري إذاعات بدأت تتّضح للمستمع التّوجهات العامّة لمختلف الإذاعات التسع وإلى جانب محتوى البرامج التّي في أغلبها لم تنل رضاء المستمع الّذي أصبح يُعبّر عن سُخطه من إذاعة نشأ عليها ( وتلك مسألة أخرى سأعود إليها مستقبلا) صدرت ممارسات ضدّ الكثيرين من الصّحافيين والإعلاميّين لا تنمّ على نيّة دعم حريّة الإعلام في الإذاعة التونسية

في الإذاعة الدّولية وقع إنهاء مهام الإعلامي المرجع عادل موتيري الّذي منح أكثر من نصف عمره لخدمة هذه الإذاعة بصفة مبهمة وأُبلغ من طرف مديرة الإذاعة أنّه ممنوع من دخول مؤسسة الإذاعة التونسية بأمر من الرئيس المدير العام دون سبب واضح وقد قام بمراسلة هذا الأخير قصد فهم ما حصل له ألاّ أنه لم يتلق أي ردّ إلى أن غادر الحياة مساء الثلاثاء 05 أفريل 2016 إثر نوبة قلبية عن سنّ بلغت 63 سنة وهو منكسر الجوارح من وعن إذاعة منحها 35 سنة من عمره .إلى جانب المرحوم شهدت هذه الإذاعة خروج الكثير من خيرة إعلاميّيها اللّذين عُرفوا بتميّزهم وبسمعتهم الطّيبة لدى المستمع من أمثال نور الدّين الشّاوش وصلاح القروي و فاطمة الزّياري و...أمّا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك نتاج الإسقاطات الجديدة على برمجة الإذاعة الّتي لم يوافق عليها أغلب أبناء الإذاعة اللّذين صنعوا مجدها ووقفوا اليوم ضدّ العبث به فكان مآلهم رفع الورقة الحمراء في وجههم وطبعا زاد وفات الإعلامي الكبير عادل موتيري بهذه الطريقة الأليمة الألم ألما. في الإذاعة الوطنية وقع التّخلي عن البرنامج المرجع "منتزه الأحد" الّذي لا يستحق لا هو ولا صاحبه تعريفا بعد ان وقع التقليص في مدّته بعد الثورة مباشرة ولم تعبأ إدارة الإذاعة بالأصوات المنادية بإرجاعه , كما وقع التّخلي عن الإعلامية المرجع حليمة همّامي المعروفة بكلمتها الحّرة والتّي عانت خلال الفترة السّابقة للثورة من الهرسلة والضغط ولم يفرح محبّوها بعودتها كثيرا حيث أُعيد رفع الورقة الحمراء في وجهها ويعود هذا خاصّة لعودة أبرز المتّحكمين بالإذاعة بعد إنتخابات 2014 ولعّل على رأس القائمة عفيف الفريق بالإذاعة الجهوية بالمنستير نماذج الهرسلة والضغط كانت أكثر وضوحا مع الإعلامية المرجع علياء رحيم في مناسبات عدّة وخاصة عندما وقع أمرها بالخروج من إستوديو البثّ المباشر قبل نهاية حصّتها المباشرة من بشائر الصبّاح التّي تقدمها منذ سنوات عدّة وأضحى لها قاعدة مهمّة من المستمعين كلّ يوم جمعة بدعوى أنّهم يطبّقون التعليمات الصادرة مباشرة من 71 شارع الحرّية لفيات تونس وذلك بسبب عدم إستعمالها لمنظومة الواب كام ! علما وأنّها لا تستعمل هذه الآلية حتّى لا يتم التّعرّف على ملامحها لأنّها هُددّت بالعنف المّادي. إلى جانب ذلك وقع أيضا تهديد علياء رحيم ذات صباح جمعة وهي بصدد تقديم حصّتها المباشرة حيث قام أحد المنتسبين لمصالح ولاية ساحلية( كما صرّح هو) بمُهاتفة الإذاعة وتهديد الإعلامية والمُخزي أنّ مؤسستها الوقورة لم تُحرّك ساكنا بل على العكس قامت بالتّخطيط ودفع إبنتها التّي تفانت على إمتداد سنوات عدّة في المساهمة في رفع صرحها لمغادرة الإذاعة منذ شهر فيفري 2016 وبالطّبع من يُصغي لعلياء يفهم جيّدا سبب كلّ هذا, سببه ببساطة أنّ علياء آمنت كما آمن الكثيرون أنّ هذا البلد صارت فيه ثورة وأنّ حريّة التّعبير أضحت مضمونة . إلى جانب علياء وقع أيضا إبعاد توفيق الخذيري من بشائر صباح السبت لأنّ صديقنا كانت له قاعدة من المستمعين يُراسلونه ويُهاتفونه قصد تقديم شكياتهم وملاحظاتهم ونقدهم كما كان هو بدوره لا يعرف لوك كلماته , أضف لذلك توفيق كان يُعبّر على مساندته لعلياء بطريقة غير مباشرة فمثلا كان كلّما قام بتعويضها في بشائر الجمعة أنهى حصّته قائلا "آني اليُوم عوضّت مرا صعيب باش تتعوّض" يعني أنّه قام بتعويض سيّدة يصعُبُ تعويضها. كما يُلاحظ أيضا أنّ إذاعة المنستير همّشت الكثيرين من الإعلاميين المعروفين بتميّزهم. إنّ ما وقع ذكره سابقا وإن كان أغلبه لا يُجسّم بوضوح الوقوف ضدّ حريّة التعبير فقد يبرز أنّ القائمين على هذه الإذاعات برعاية القائم الأول عليها متسلّطين يُسقطون التّوجهات العامة للإذاعة و يُغلقون قنوات الحوار مع الإعلاميين وإذا وقعت إضافة أحاسيس الإحباط والتململ ألّتي يستنشقها المستمع من خلال ذبذبات الإذاعة وإضافة عدم عبئ هؤلاء المسؤولين بنقد المستمع نتحصّل على مزيج يُبرز أنّ المناخ العام في الإذاعة التونسية ما بعد الثورة وخاصة ما بعد إنتخابات 2014 غير مناسب لترعرع حريّة التعبير.

بالنسبة لإذاعة تونس الثقافية فإن الأمر يُعتبر أفضل حيث أنّ مستمع هذه الشقيقة الصغرى يُلاحظ أنّ سقف الحريّة أرفع كما أنّ حالات الإقصاء مُنعدمة ( وفق ماهو واضح) وأوّل ما يُذكر لصالح هذه الإذاعة أنهاّ تستضيف كلّ الرؤى و التّوجهّات الفكرية في شتّى المجالات ولا تُقصي أحدا. إلى جانب الحصص الثقافية المُتخصّصة التي يتناول منتجوها مواضيعها بكلّ حريّة وأريحيّة فقد تميّزت أيضا البرامج المباشرة بحريّة الخوض في المواضيع ومن أبرز هذه الحصص برنامج "حديث السّاعة" الّذي يُقدّم من الإثنين إلى الجمعة من منتصف النّهار إلى الثانية زوالا حيث أن متتبّع هذه الحصّة يُلاحظ تميّز الصُحفي كمال الشارني بتقديم ملاحظاته وتحليله وأسئلته بكلّ جرأة ودون إنتقاء أو رقابة ذاتية مترجما بذلك ما يحدث في ربوع البلاد وما يشغل عموم المواطنين بمختلف فئاتهم . كما يُذكر أيضا أنّ قسم أخبار هذه الإذاعة قدّم في عديد المناسبات تقاريرا مختلفة و جريئة.هذا لا يعني أن نتجاهل نبرات الإحباط والتململ المُنبعثة عبر موجات صوت إرادة الحياة.ثمّ أنا كمستمعة لست مطمئنة كثيرا لديمومة التّوجهات العّامة لهذه الإذاعة الّتي يرعاها القائمون عليها و على رأس القائمة مديرها حيث أنّه من اليسير اليوم خلق أي سبب لتغيير أي مسؤول وإرسال بديله الّذي يكون بمثابة المبعوث الرّسمي لتنفيذ مخطّطات الحكومة التّي برهنت سابقا على ذلك مع الرئيس المدير العام للتلفزة التونسية غير عابئة لا بالهيئة العليا المستقلّة للإعلام السّمعي البصري ولا بغيرها !!! إذاعة تونس الثقافية لم تدع مناسبة اليوم العالمي لحرّية الصحافة تمر هكذا بل خصّصت لذلك ندوة ( هي التّي أضحت إقامة الندوات الفكرّية المختلفة والمتنّوعة و حتّي إحياء الأعياد الوطنية مثل عيد الإستقلال بإقامة الندوات عادة عندها وسأعود لذلك) من منتصف النّهار إلى الثانية زوالا وقد أدار الحوار كلّ من كمال الشّارني وسفيان العرفاوي وقد تمّ إستدعاء أبرز المتّدخلين في مجال الصّحافة و الإعلام من أمثال هشام الّسنوسي وآسيا العتروس وصلاح الدّين الجورشي وعبد الحق الطرشوني و... وقد تناول اللّقاء تقييم عمل الهيئة العليا المستقلة للإعلام السّمعي البصري (وقد وقع الخوض في هذا المسألة بإطناب وبجرأة) والوضع الإجتماعي للصحّافيين والإعلاميين و تسرّب المال السياسي للإعلام والتكوين في معهد الصحافة (وهنا يجدر بي أن أثني على الّتفاعل الإجابي للإذاعة بخصوص ملاحظات قُدّمت لها سابقا حول غياب المرأة و كيفية التّصرف في الوقت والمادة المبرمجة) ومن يريد الإطلاّع على هذا الّلقاء بإمكانه العودة إلى موقع الإذاعة. إذا أضفنا إلى الواقع الحالي للإذاعة التونسية أهمّ ما جاء في هذه الندوة (لأنّ الندوة كان محورها الإعلام عموما) يُمكن الخروج بالنتائج التّالية حول الإذاعة التونسية وهي لا تعدو أن تكون أفكارا شخصيّة:

  • الحكومة التونسية مخلّة بإلتزماتها الأخلاقية تجاه الإذاعة التونسية

  • هناك "حيتان" كبيرة وموازين قوى سياسية تتحكّم في الإذاعة التونسية

  • لا نعرف اليوم من يتحكّم في الإذاعة التونسية

  • غياب التضامن الحقيقي بين الإعلاميين والصّحافيين في الإذاعة التّونسية

  • أصحاب السّلطة يريدون إحتواء حرّية التعبير اليوم وتوظيفها لصالح أغراضهم

ما أوّد أن أختم به هو لا يعدو أن يكون رسالة مفتوحة من مستمعة إلى إعلاميين وصحافّيين بهيكل يعني لها الكثير , هذه الرسالة مفادها أنّ مهنة الصحافة والإعلام مهنة نبيلة مُقدّسة وهي ترتقي بالذّوق العام وأساسها الغرام وأنّ الحريّة لا تُهدى بل تُفتك والسلاح الوحيد لذلك هو التضامن الدّاخلي بين الإعلاميين والصحافيين.

Comments


صفحتنا على الفايسبوك

مقالات العدد

© 2016-2017 Sana Mahfoudhi

صدى الاذاعة التونسية

  • b-facebook
  • Twitter Round
  • Instagram Black Round
bottom of page