top of page

POST RÉCENTS : 

أستاذنا البخاري بن صالح معطّر القلوب و الأرواح

  • هدى بن الحاج سالم
  • 19 juil. 2016
  • 4 min de lecture

أنا على يقين منذ البدء أنّه مهما بحثت على مصطلحات و عبارات في مختلف قواميس اللّغة العربية لن أجد عبارات مناسبة تترجم على أسمى معاني الاحترام و الحب و التقدير و العرفان التّي لا أكنّها أنا فقط بل أجيال قد تصل إلى الإثنين أو ربّما الثلاثة من المستمعين و الإعلاميين والصحافيين و المنتجين و التقنيين و ربّما حتّى الإداريين بالإذاعة الجهوية بالمنستير, عروس البحر كما يصرّ أستاذنا على تسميتها مثلي ومثل الكثيرين , قلت اللّغة العربية , آه تلك اللّغة أتلذّذ سماعها رفقة أستاذنا أيما تلذّذ.

بدأت الإصغاء إلى أستاذنا منذ بدأت الاستماع إلى إذاعة المنستير أي منذ فترة طفولتي , حينها كنت أصغي ولا أقول أستمع لأستاذنا بسذاجة الأطفال المراهقين , كان شيئا ما يجذبني أتراه جمال الصوت و الصوت الجميل نعمة من اللّه ؟ أم تراه تلك الكلمات و العبارات والمصطلحات المنظومة ؟ أم تراه ذالك الأداء بإحساس و فن ومتعة , من المؤكد أنّ كلّ هذه العناصر تجتمع.

أستاذنا ارتبطت علاقتنا به يوميّا في فقرة "كلمات مضيئة" التّي تعقب افتتاح الإرسال السّادسة أو السّادسة ونصف عندما كانت الإذاعة تختم إرسالها في منتصف الليل أو الواحدة فجرا أما حاليا وبعدما أصبحت الإذاعة لا تختم إرسالها و تعيد افتتاحه في الرابعة فجرا وأضحت فقرتنا اللّذيذة تأتينا في حدود الخامسة صباحا و تتراوح مدّتها بين الربع ساعة والنصف ساعة , هي مزيج من الابتهالات و من أبيات الشعر ومن الأحاديث النبوية ومن الآيات القرآنية و من الحكم ومن المقتطفات الأدبية , كلّها ينظُمها ويرصّعها إلينا أستاذنا كم تُنْظم وترصّع حبات قلادة جميلة , هذه الفقرة أشبهها أنا بملعقة صغيرة من العسل الطبيعي النقي و كلّ يوم ولها طعم خاص قد يكون من رحيق الزعتر في أحد الأيام وفي يوم آخر المروبيا وفي آخر الكالاتوس وآخر القوارص و.... وأنت تستمع أو بالأحرى تصغي إلى تلك الكلمات المضيئة كأنك تتناول تلك الجرعة و عذب الكلام يسري في روحك وقلبك وكأن بمذاق تلك الملعقة يسري في فيك ويعبر إلى حلقك ثم يعبر إلى عروقك ويسري في كافة أجزاء بدنك و كذلك الكلمات تسري في روحك وقلبك و تظل تضيئ دربك و تشحنك بالحب والأمل وبالإقبال على الحياة وخاصة الإقبال على جانب الجمال فيها , عندما كنت فتاة مراهقة كنت أسمع بسذاجة لكن اليوم وأنا في هذه المرحلة من العمر وبكل هذه المسؤوليات الفردية والجماعية أصغي ولا أقول أسمع حتّى أشحن روحي وقلبي , قد تُعاد إحدى الحلقات أكثر من مرة حتّى حفظتها ولكن رغم ذلك لا أمّلها وأصغي إليها ولا أقول أستمع بنفس الشوق و الحب وأكتشف فيها مكامن جمال لم أبصرها من قبل.

أستاذنا الغالي نلتقيه سنويا خلال الشّهر الكريم في تلك التحية المباشرة" تحية رمضان " من السّادسة إلى الثامنة مساءا في مرافقة ما قبل الإفطار أين يكون المطبخ هو مركز الاهتمام و تقفز كلمات وعبارات وابتهالات أستاذنا من المذياع إلى الأواني و الطعام وتمنحه مزيدا من اللّذة والنكهة ورغم أنّ البرنامج يحتوي عديد الفقرات المهمة لأساتذة أجلاء فالجميع يربط برنامج "تحية رمضان" بإسم البخاري بن صالح . لسنوات عدّة يتناوب أستاذنا على قديم التّحية مع أستاذ آخر لديه من المعزة والاحترام والحب الشيئ الكثير هو أستاذنا الحبيب دغيم ولكن خلال هذه السنة تغيّب أستاذنا الحبيب لأسباب يجهلها المستمع ربما قد يكون السبب الوضع العام الّذي تعيشه إذاعة المنستير !! و ساعد أستاذنا الإعلاميين الأسعد العيّاري و وسليم الحيزم اللّذين نجحا في الرّهان الصعب و هذا يبرز أنّ عروس البحر تمكنت على إمتداد السنوات المنقضية من تكوين "مخزون" من الإعلاميين القادرين على تولي المهمات الصعبة وتقريبا كان أستاذنا يقدّم التحية خلال أربعة أيام وهذه السنة أطل علينا نحن مستمعيه بأكثر حبّا وبأكثر عطفا وحنانا و إعتناءا بمصدح الإذاعة وبأكثر شوقا ومنذ اليوم الأول من شهر رمضان عبّر عن مشاعر الشوق والحب التي يلتقي بها مستمعيه وزملائه ودعا من يهمهم الأمر إلى الحفاظ على هذا الصرح الإعلامي العريق و إظافة إلى ذلك الكم الهائل من الكلام الجميل الّذي لا تسأمه الأذن خصص فقرة يلتقي فيه مرّة مع إمام خطيب للخوض عن قيمة أخلاقية معينة و مرّة أخرى مع إخصائي في التغذية للحديث على القيمة الصحية لمادة طبيعية معينة وفي آخر حلقة التي كانت يوم 29 رمضان تحدّث لمستمعيه في تأثر عن علاقته بالمصدح وبالإذاعة و الزملاء وبالمستمعين و بموقع برنامج " تحية رمضان" باعتباره برنامجا مباشرا و روى لمستمعيه ككل سنة تلك الحكاية الخاصة بإعلان المفتي عن العيد وفرحهم هم الأطفال وبكاء والدته رحمها أللّه الذّي لم يتمكن من فهمه إلاّ عندما كبُر.

أستاذنا إلتقيناه ونلتقيه في فقرات وبرامج أخرى من قبيل "حديث المؤمن" يوم الجمعة , كما كانت أغلب القصائد التي أقترحها الإعلامي عامر بوعزّة في برنامجه "سفر على سفر" بصوت أستاذنا , كما أن الفقرة الخاصة بفيروز في بشائر الجمعة لعلياء رحيم تعقبها " ها قد سمعتك فانتشت غربة عاشق كان قد...." بصوت أستاذنا والدعاء الّذي يلي الآذان إلى جانب تقديم فقرات شعرية وأدبية مختلفة وأكثر الأصوات التّي تلتقيها في إذاعة المنستير هو صوت أستاذنا وهذا من دوافع الأمل

قبل أن أضع نقطة النهاية لهذا الكلام يجدر بي أن أضيف أنّ أستاذنا طوّر برامجه مهما كانت مدّتها شكلا و مضمونا من خلال الإكساء و التزويق والموسيقى المصاحبة و بذلك كان منتجا إذاعيا متجدّدا على مرّ تجربته الثرية ولم يُسقط نفسه في التكرار و الملل.

ما قلته لا يعدو أن يكون نقطة في بحر في شخص رجل عظيم سجّل إسمه بأحرف من ذهب في ذاكرة مستمع إذاعة المنستير بصفة خاصة والإذاعة التونسية بصفة عامة , هذا الرجل إسمه البخاري بن صالح و تشهد الذبذبات ومحطّات الإرسال أنّ للصوت مساحة في التاريخ .

Comments


صفحتنا على الفايسبوك

مقالات العدد

© 2016-2017 Sana Mahfoudhi

صدى الاذاعة التونسية

  • b-facebook
  • Twitter Round
  • Instagram Black Round
bottom of page